الأربعاء، 1 يونيو 2011

التفاهة عندما تتجسد..

في العام 2006، التقيت بأحد قادة جبهة التوافق العراقي الثلاثة الكبار، ودار حوار طويل حول موضوع المشاركة السياسية، وحول مدى مصداقية هذه الجبهة، التي طرحت شعارات وطنية برّاقة، تخفي انخراطها في المشروع الاحتلالي الأمريكي.

ومما أذكره عن خلاصة ذلك الحوار، الذي دار مع ذلك (القيادي) بعد بضعة أشهر فقط، من تشكيل حكومة المجرم المالكي الأولى، والرجل حي يرزق، يسمعني ويقرأ لي، أنني قدمت وجهة نظري حول جدية الجبهة في تحقيق الأهداف التي يروِّجون لها، ومدى إمكانية الانسحاب من الحكومة التي كنت ومازلت وسأبقى، اعتبرها صنيعة للاحتلال، وليس لها من صفة العراقية الا الدعاية الاعلامية معروفة المقاصد، وإلا كونها تتحكم بالعراق، لاغير.
وحينما اشتكى ذلك (القيادي) من انعدام دور الجبهة في القرار السياسي والأمني في العراق، برغم المشاركة في حكومة (دولكة الرئيس) الأولى، قلت لقد أصبحتم شهود زور اذن، ومجرمون قتلة رغماً عنكم، تُرتكب الجرائم باسمكم في حين لا تملكون من القرار شيئاً، كما تؤكد، فلمَ الاستمرار في حكومة تتحملون أوزارها وجرائمها، ولا تحققون فيها (برنامجكم).
واذكر انني حينها طرحت عليه، القيام بمناورة سياسية من خلال التلويح بالانسحاب من الحكومة، وصولاً الى الانسحاب منها فعلاً، كإحدى وسائل الضغط المعروفة في (اللعبة الديمقراطية) التي يزعمون تطبيقها في العراق.
وبالطبع لاأريد الإسهاب في الحديث عن الدور الخائب الذي قامت به جبهة التوافق العراقي طيلة وجودها في الحكومة الاحتلالية الرابعة، وقصة انسحابها حينذاك، ثم عودتها المُهينة بعد أسابيع، ودون تحقيق أي نتيجة، بل عودتها مع مزيد من الخسائر، الشخصية وعلى مستوى الوطن، وكيف كان أداؤها بائساً ومشوهاً ولا يرتقي حتى إلى مستوى أداء الهواة، فهذا معروف للجميع.
وبالأمس فقط وجَّهت نصيحة لوجه الله، الى زعماء (القائمة العراقية) وهم ورثة جبهة التوافق، الذين أصموا آذان العالم طيلة تسعة أشهر بالحديث عن الاستحقاق الانتخابي وتشكيل الحكومة من قبلهم وخيار الشعب الذي عبَّر عنه بعرس ديمقراطي حقيقي، و و والخ..، ثم عادو، صاغرين، ليتفقوا مع المالكي على نحو خائب لتشكيل حكومة هزيلة، نالت الثقة من برلمان يحوزون فيه غالبية المقاعد.
وارتفع الصراخ مرة أخرى، واحتدمت الأمور بين جماعة علاوي، صاحب الرقم القياسي في العمالة لأجهزة المخابرات المختلفة، وجماعة المالكي، العميل لجهتين فقط، حيث طالب صاحب الرقم القياسي وأعوانه، بتحقيق الشراكة الوطنية وتنفيذ اتفاقية أربيل، وكل الكلام الفارغ الذي لامعنى له، والذي قضينا الاشهر الأخيرة ونحن نقرف من سماعه صباح مساء.
بالأمس فقط نصحتهم وقلت لهم تعلموا اللعب من مجلس الثورة الشيطانية، ولاحظوا كيف يديرون أمورهم وكيف يتصرفون بقدر من الدهاء، يحسدهم عليه الكثير من شياطين الجن والأنس.
ولأن الخيبة لا تحصد الا خذلاناً، ولأنهم ارتضوا أن يضعوا أنفسهم موضع السخرية والتندر ليس من قبل العراقيين، فحسب، بل أنا أعرف جيداً، وهم يعرفون، تقييم زعامات عربية وإقليمية لهم، وكيف ان عدداً من الساسة العرب، حتى من بين المستويات الثانية والثالثة في أقطارهم، فضلا عن الأولى، رفضوا، ويرفضون، طلبات زعماء (العراقية) اللقاء بهم، بل إن السعودية رفضت زيارة عدد منهم، وحينما زارها أحدهم لأداء العمرة، رفض المسؤولون السعوديون استقباله، باعتبارهم يجعجعون ولا طحين، ويثرثرون بلا فائدة، أقول ولأنهم كذلك، فقد تمخض الجبل فولد حصاة، أو فأراً ميتاً، حيث اتخذت (العراقية) اليوم قرارها الخطير القاضي بـ (تعليق التفاوض مع دولة القانون، حتى تستجيب لمطالبها) مؤكدة انها لن تنسحب من الحكومة الاحتلالية الخامسة، لأن مشكلتها مع كتلة (دولكة الرئيس) فقط.
بالله عليكم هل رأيتم تفاهة تتجسد واقعياً أكثر من هذا؟

هناك تعليق واحد:

  1. والله يا اخي ابو يحيى
    كنت ارغب بأن أختم بوصية الرئيس الشهيد صدام حسين التي أشرت اليها في تعليقك الكريم، والتي تقول:
    لا تستفز الأفعى قبل ان تبيّت النية والقدرة على قطع رأسها.. ولن يفيدك القول انك لم تبتدىء أن هي فاجأتك بالهجوم عليك، وأعد لكل حال ما يستوجب، وتوكل على الله.
    ولكنني نسيت ذلك، وبارك الله بك انك أشرت اليها، وهذا يثبت ان هذه المدونة، للجميع، كاتباً وقراءً كرام، يتعاونون على الانجاز.

    ردحذف