على مدى أشهرـ تلقيت عشرات الرسائل التي تدعوني للتصويت لصالح تثبيت عروبة الخليج العربي.
وبصرف النظر عن موقفي، او مواقف آخرين، من قضية التصويت في المنتديات الألكترونية المختلفة على مواضيع شتى، وجدت في نشر البحث القيّم، المدرج في أدناه، فائدة علمية تغني القارئ العربي، وتفتح امامه الافاق في مواجهة الهجمة العدوانية الداعية الى تفريس خليجنا العربي.
وبصرف النظر عن موقفي، او مواقف آخرين، من قضية التصويت في المنتديات الألكترونية المختلفة على مواضيع شتى، وجدت في نشر البحث القيّم، المدرج في أدناه، فائدة علمية تغني القارئ العربي، وتفتح امامه الافاق في مواجهة الهجمة العدوانية الداعية الى تفريس خليجنا العربي.
أصالة عروبة الخليج وأسمائه منذ أقدم العصور
الدكتور عماد محمد ذياب الحفيّظ
عضو إتحاد المؤرخين العرب
المقدمة :
أن منطقة الخليج العربي وجزيرة العرب طرأت عليها تغيّرات مناخية وبيئية متباينة خلال العصور التأريخية المتتابعة منذ أقدم العصور ، فقد أكدت الدراسات أن بيئة منطقة الخليج العربي كانت معتدلة وذات كميات كبيرة من الأمطار المتساقطة خلال الفترة المحصورة بين 100- 11ألف سنة قبل الميلاد حيث تتخلّلها أنهار المياه العذبة والبحيرات المترامية الأطراف والغابات الغنّاء والمساحات الخضراء الغنية بمختلف أنواع الحيوانات والنباتات والزروع فكأنها كانت جنّات الله تعالى على أرضه ، ولعل الدورة البيئية بدأت تعود الى ما كانت عليه خلال العصور التأريخية القديمة حيث يلاحط زيادة ملموسة في كميات مياه الأمطار على العديد من مناطق الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية .
لقد كانت المياه والأمطار والخضرة سائدة في معظم الجانب الشرقي من اليابسة المطلّة على منطقة الخليج العربي وكذلك في شبه الجزيرة العربية وبلاد الرافدين وبلاد الشام شمالا ، حيث كان سائدا في شبه الجزيرة العربية حينها مناخا دافئا مع تساقط كميات أمطار جيدة جدا ، مماجعل شبه الجزيرة العربية المكان المناسب لحياة كل من آدم وحواء ونسلهما دون غيرهممن مناطق الشرق الأوسط وما جاورها حيث كان الجليد سائدا فيها أيضا ، علما أن مياه الخليج العربي لم تظهر بعد . لتبدأ بعد ذلك الظروف المناخية والبيئية بالتباين معبداية الألف العاشر قبل الميلاد والتغير تدريجيا ، فتصبح شبه الجزيرة العربية عند الفترة 10-7 آلاف سنة قبل الميلاد أكثر دفئا وذات كميات أمطار أقل عما كانت عليه في الفترة السابقة فأنتشرت فيها القبائل العربية نحو شمال وجنوب شبه الجزيرةالعربية بحثا وراء الماء والكلأ (2) ، كما دفع البعض من هذه القبائل الى الهجرة من شبه الجزيرة العربية الى شمال الجزيرة العربية حيث بلاد الرافدين وبلاد الشاموبلاد النيل بسبب إنحسار مناطق الجليد فيها وارتفاع درجات الحرارة نحو الدفأ ،وهذا ما أكّده المؤرّخ موسكاتي (3) فقال : لو تتبّعنا تأريخ الموجات البشرية التي إنطلقت في هجرات تأريخية بيقين نحو ما نسميه المشرق العربي لوجدنا أن هذهالهجرات كانت دائما وأبدا تنطلق من شبه الجزيرة العربية (شكل رقم 1) .
على الرغم من ذلك بقيت منطقة اخليج العربي وشبه الجزيرة العربية منطقة ذات مستويات مطرية جيدة ولغاية الألف الخامس قبل الميلاد وهي الفترة التي بدأ يتشكل فيها الخليج العربي وتحديدا خلال فترة 4500 سنة قبل الميلاد حيث كان يصب فيه مباشرة كل من نهري دجلة والفرات في ذلك الوقت، ولذلك نعتقد أن هذه الفترة كانت فترة الطوفان العظيم في زمان نبي الله تعالى نوح (عليه السلام) والتي أنجاه الله ومن آمن بالله من قومه بالفلك ،لذلك نجد القرآن الكريم يأتي بذكر قوم هود بإستمرار بعد ذكر قوم نوح وثمود وإبراهيم وهذا ما نجده في سورة الأعراف ، والفرقان ، والشعراء ، والحج ، أي أربعة سور تأتي بذكر قوم عاد في الجزيرة العربية بعد قوم نوح وثمود وقوم إبراهيم وبتسلسل زمني واضح (1) . يؤكد ذلك ما تذكره المصادر ومراجع التأريخ القديم في أن الأرضالتي عاش فيها العرب ومنذ أكثر من عشرة آلاف سنة والتي كانت وما زالت تعرف بإسم شبه الجزيرة العربية حيث سادت فيها حضارات عظيمة وأهمها حضارة قوم عاد التي لم يرى مثلها في البلاد ، لذلك كانت تعرف شبه الجزيرة العربية في ذلك الوقت أي خلال الألف الخامس قبل الميلاد بإسم بلاد الإله (4) ، وهذا ما يؤكد الحقيقة التي جاء ذكرها في كافة الكتب السماوية التوراة والإنجيل والقرآن الكريم (5): بسم الله الرحمن الرحيم (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكّة) صدق الله العظيم
أي أن سكان منطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية هم أول شعب عرف الله قبل غيرهم من شعوب العالم وهذايتطابق مع ما جاء في القرآن الكريم أيضا والتي تشير إليه الآية المذكورة آنفا ،ولذلك فأن أول بناء بنته البشرية كان ببكة في شبه الجزيرة العربية ، حيث مكان بيت الله الحرام (البيت العتيق) ، والذي يؤكد أنه بني قبل ميلاد نبي الله إبراهيم (عليه السلام) بزمن طويل ، علما أن هذا النبي عاش خلال القرنين الرابع والثالث والعشرين قبل الميلاد ، أي أن مهد الديانات السماوية كانت في شبه الجزيرة العربية منذبداية الخليقة والتي جزءا منها هو الخليج العربي والذي سنناقش مسمياته وأهميته التأريخية في دراستنا هذه .
تسمية الخليج العربي خلال العصور التأريخية القديمة :
أن الخليج العربي أطلق عليه قديما مسميات مختلفة منذ أقدم العصور التأريخية ، حيث كان يطلق على الخليج العربي إسم "بحر أرض الإله" ولغاية الألف الثالث قبل الميلاد (6)، ثم أصبح إسم الخليج العربي بحر الشروق الكبير حتى الألف الثاني قبل الميلاد (7) ، وسمي بحر بلاد الكلدان خلال النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد(8) ، ثم أصبح إسمه بحر الجنوب خلال النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد (9)على الرغم من وصول المجموعات الرعوية الفارسية الى المنطقة ، وإن جميع الفتراتالتأريخية الآنفة الذكر لم يكن هنالك وجود لغير العرب ، حيث وصل الفرس وقد كانوامجموعات رعوية بعد سقوط الدولة العيلامية خلال القرن السادس قبل الميلاد والتي كان سكانها قبل سقوطها على يد نبوخذ نصر البابلي من الساميين ، وعلى الرغم من ذلك بقيإسم الخليج الخليج العربي بعد ذلك وعلى مدى القرون .
لو لاحظنا هذه التسميات فسنجدها جميعها وبلا إستثناء هي تسميات عربية الأصل وقد أطلقت جزما من قبل سكان الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية حيث جميع المسميات نسبت الى أرض الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية من حيث العبادة في الأولى التي كانت سائدة خلال الألف الثالث قبل الميلاد ، وشروق الشمس في التسمية الثانية والتي كانت سائدة خلال الألف الثاني قبل الميلاد ، وخلال الألف الأول قبل الميلاد كانت التسمية تسند الى الكلدان في بلاد الرافدين وبعض سواحل الخليج العربي والكلدان أقوام سامية عربية الأصول وقد كانت لهم دولة في بلاد الرافدين ، وكذلك الحال بالنسبة للقوم الذين سكنوا الخليج العربي وتحديدا ضمن موقعه الجغرافي الحالي عندما إعتبر المؤرّخون الخليج العربي يقع جنوب بلاد الرافدين ، علما أن حوض مياه الخليج العربي لم تكن موجودة فيالأصل وإنما النظريات تؤكد أن تجمع مياه الخليج العربي تكوّن بعد الفيضان الأعظم والذي حصل في زمان قوم نوح كما أسلفنا .
لقد تحدّث إيراتوستينس الإغريقي ( 276 قبل الميلاد – 194 قبل الميلاد ) كما أشار إلى ذلك أيضا سترابون الإغريقي (القرن الأول قبل الميلاد) فقال : أن مياه الخليج العربي لم تكن عميقة ويستشهد على حد قوله بنمو أشجار تشبه الغار والزيتون قبالة مدينة مكان (سلطنة عمان حاليا ) وقبالة مدينة ملوخا (دولة الإمارات العربية المتحدة حاليا) ،فيذكر المؤرّخ الإغريقي أن هذه الأشجار يمكن ملاحظتها فوق سطح الماء أوقات الجزروتختفي أثناء المد في الخليج العربي ، كما ذكر أن فم الخليج العربي ضيّق (أي عند مضيق هرمز في وقتنا الحاضر)، وأن الساحل الأيمن من الخليج العربي دائري الشكل لينحرف عند فم نهر الفرات ، وهذا يؤكد، والقول لكاتب هذه الدراسة، أن نهري دجلة والفرات كانا يصبّان في الخليج العربي مباشرة بشكل إنفرادي خلال الألف الأول قبل الميلاد ، وليس كما نجدهما اليوم يصبان في شط العرب ، بينما نهري دجلة والفرات كانا يخترقان الأراض الواسعة التي غمرتها مياه الفيضان الأعظم خلال الألف الخامس قبل الميلاد وما يؤكد هذا القول أيضا هو عدم وجود أي مسمّى للخليج العربي خلال الألفين الرابع والخامس قبل الميلاد ، ولذلك نجد أن قبائل العرب كانت منتشرة في منطقة الخليج العربي منذ قديم الزمان وبعد حصول الفيضان الأعظم أصبح تواجد هذه القبائل العربية حول منطقة مياه الخليج العربي شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وكما أوضحت الخارطة .
كما أكدت الدراسات أن مدن وبلدات الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية وأطرافها وسواحلها كانت ترتبط بنشاط تجاري ورعوي وأحيانا سياسي فيما بينها وعلى الجانبين الشرقي والغربي من الخليج العربي (10) ، وهو ما يعرف اليوم بالتجارة البينية الحرّة أو الإتحاد الإقتصادي وهذا ما تؤكده خارطة تواجد القبائل العربية على جانبي الخليج العربي ومنذ أقدم العصور ، فقد كانت في شبه الجزيرة العربية الكثير من الحضارات كحضارة عاد وثمود وكذلك المدن منذ أقدم العصور الإنسانية ، ومن أهم هذه المدن والبلدات هي بكّة (منطقة مكّة حاليا) والتي جاء ذكرها في كتاب التوراة وفي الإنجيل ، ومكان Magan (سلطنة عمان حاليا) وملوخا Melukha (دولة الإمارات العربية المتحدة حاليا) ودلمون Delmon (مملكةالبحرين حاليا) وبيت يقين Bait Yakin(الكويت حاليا) وهذا هو ما نجده اليوم سياسيا وتجاريا وإجتماعيا سائدا بين دول مجلس التعاون الخليجي العربي من تواصل تأريخي بين الماضي والحاضر .
تسمية الخليج العربي بعد الميلاد (قبل الإسلام) :
تأكّدت تسمية الخليج العربي عند الرومان والإغريق كما هو الحال عند غيرهم كما تشير المصادر وهو (ساينوس أرابيكوس) تحديدا على لسان سترابون الإغريقي (58 قبل الميلاد – 23 ميلادية ) وهو في ذلك يستشهد بأقوال مؤرخين إغريق آخرين يعود تأريخهم الى قبل القرن الثالث قبل الميلاد ومنهم إيراتوستينس الإغريقي ، مما يؤكد أن هذه التسمية كانت سائدة قبل الميلاد بعدة قرون قبل ميلاد نبي الله عيسى (عليه السلام) وغيرها من المسمّيات العربية التي أطلقت من قبل العرب والمؤرخين الأجانب قديما على الخليج العربي كما أسلفنا ، بل وأن هذه التسمية كانت معروفة لدى شعوب وممالك آسيا مثل الهند والصين وبلاد الرافدين وعيلام وأفريقيا وكذلك في بلاد النيل (أي مصر والسودان) والحبشة وشعوب أوربا حينها لدى الإغريق والرومان ولم يكن في أرض المعمورة حين ذاك دول وأقوام غيرهم فهذه هي مناطق الحضارات وجدت بذلك الوقت ، ويستثنى من ذلك الأقوام التي ظهرت خلال القرن الخامس قبل الميلاد وهي أقوام رعوية جاءت من شمال غرب آسيا والذين لم يكن لهم حضارة في حينها أو قبلها أي أنهم ظهروا هناك بعد أن قضى نبوخذ نصّر على الأقوام الأصليين أي العيلاميين في تلك المنطقة ، وقد كان هذا الفعل خطأ إستراتيجي في حينها وبقيت إنعكاساته حتى يومنا الحاضر ، حيث سعت نلك المجموعات الرعوية الى تحريف تأريخ العيلاميين ونسبوا تأريخهم وحضارتهم لهم تزويراً كما إعتادوا على ذلك خلال تأريخهم ومعتقداتهم السائدة .
تسمية الخليج العربي بعد فجر الإسلام :
أن تسمية الخليج العربي ظلت معروفة منذ قبل الإسلام واستمرّت الى ما بعد الإسلام لدى سكان الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية وما جاورها من مدن وبلدات في شرقها وغربها وشمالها وجنوبها من أرض المعمورة ، بل وظلت هذه التسمية سائدة حتى بعد ظهور الدولة العباسية ، حيث أصبحت تسمية الخليج العربي بإسم خليج العراق (11) ، إلا أن كاتب هذه الدراسة يجدأن الإسم الأخير هو لأسباب قد تعود الى أن الدولة العباسية كانت عاصمتها بغداد في العراق ، وأن الخليج العربي هي جزء من الدولة العباسية في ذلك الوقت فجاءت التسمية الأخيرة بتلك الصيغة ومع ذلك فهي تسمية عربية أيضا وهذا ما جعل المسميات العربية التي أطلقت على هذا الخليج العربي ظلت مستخدمة على مدى آلاف السنين المتعاقبة وحتى وقتنا الحالي ، بل ان الجزء الشمالي للساحل الشرقي والغربي من الخليج العربي كان يعرف ومنذ قديم الزمان أي منذ قرون عديدة وحتى سقوط الدولة العثمانية بإسم"ساحل العراق" ولنفس الأسباب الآنفة الذكر ، وفيما بعد أصبح إسم الخليج العربي (خليج البصرة) حيث كان العراق ايام العثمانيين يتكون من ثلاث ولايات هي بغداد في الوسط والموصل في الشمال والبصرة في الجنوب وهذه الولاية الأخيرة كانت تضم ضمن حدودها الإدارية بلدات عربية مختلفة قبلية الطابع شبه مستقلة عند الجانب الشرقي من الخليج العربي وصولا الى المنطقة التي كانت تعرف بإسم فم الخليج العربي (مضيق هرمز حاليا) ، حيث كانت الإمبراطورية العثمانية شاسعة ومترامية الأطراف في ذلك الوقت ومع صعوبة أوضاعها الإقتصادية والسياسية وغيرها إضطرت الدولة العثمانية الى عدم إستحداث ولايات أخرى خاصة ، لذلك نجد أن ساحل الخليج العربي بضفتيه الشرقية والغربية كانت لديه بعض الصيغ من العلاقات بين القبائل العربية هناك بعيدا عندالوجود الإداري للدولة العثمانية التي أصابها الضعف الإقتصادي والسياسي منذ القرن التاسع عشر الميلادي لذلك نجد أن منطقة الخليج ظلّت ذا طابع عربي وهذا الطابع ظل متوافقا مع مع ما قال عنه المؤرخ الأوربي سترابون الإغريقي في تسمية الخليج العربي منذ ما قبل الميلاد وبعد الميلاد بل وحتى فجر الإسلام فلم نجد في المصادر التأريخية أن الدولة الساسانية قد أطلقت إسما آخر على الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية على الرغم من أنها كانت تحتل مواقع واسعة من هذه المنطقة ولعشرات السنين .
ويقول المؤرخون عن الخليج العربي أن أهم ما يميّز مياه الخليج العربي أنها غير عميقة ويستشهدون على حد قولهم بنمو أشجار تشبه الغار والزيتون كما ذكرنا سابقا ،وهي في الواقع - والكلام لكاتب هذه الدراسة -أشجار القرم والموجودة بكثرة في ضفاف الخليج العربي والجزر القريبة من سواحله كما هو الحال قبالة سواحل دولتي الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.
أما عن شط العرب فأكثر النظريات قبولا أن أهل البصرة خلال القرن الأول الهجري شقوا شط العرب ليصب في الخليج العربي بعد تمصير مدينة البصرة مع بداية تحرير العراق من حكم كسرى (في السنة الرابعة عشر الهجرية ) حيث كان كسرى يسيطر على الجانب الشرقي من العراق الحالي والذي كانت فيه مملكة شبه مستقلة هي دولة المناذرة والتي عاصمتها الحيرة وهي تقع حاليا ما بين محافظتي الأنبار والنجف . أي أن شق شط العرب من قبل المسلمين هو للحفاظ على المياه العذبة القادمة من نهري دجلة والفرات من الضياع في صحراء نجد والحجاز وساحل العراق الغربي أو في المياه المالحة بالخليج العربي أي أن شق شط العرب كان لأسباب إقتصادية وقبلية وبيئية ، أو أن شط العرب قد تكوّن بفعل عوامل جيولوجية خلال تلك الفترة ، أو بفعل العاملين أي الجيولوجي والبيئي معا خلال تلك الفترة أو قبيلهما وهذا ما جعل المنطقة أكبر وأكثف مناطق زراعة البساتين وخاصة أشجار نخيل التمر ، أي أن الساسانيين وكسرى لم يتجرّؤا على تغيير إسم الخليج العربي خلال حكمهم وعلى مدى بضعة قرون حيث كانت دولتهم هي الأقوى في المنطقة ،علما خلال هذه الدراسة لم نجد مصادر تأريخية تشير الى وجود شط العرب قبل هذا التأريخ أي قبل السنة الرابعة عشر الهجرية ، حيث عملت الدولة الإسلامية الفتية حينها الى الى توطين القبائل العربية هناك وتقسيم الأراضي التي تقع على جانبي شمال الخليج العربي وشط العرب الى ما يعرف بالحيازات وكل حيز أو حوز أعطي لقبيلة عربية لتدبير شؤونها الإقتصادية والقبلية والإدارية .
قلنا في هذه الدراسة أن منطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية طرأت عليها تغيّرات مناخية وبيئية متباينة خلال العصور التأريخية المتتابعة منذ أقدم العصور ، فقد أكدت الدراسات أن بيئة منطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية كانت معتدلة وذات كميات كبيرة من الأمطار المتساقطة قبل الألف الحادي عشر قبل الميلاد حيث تتخلّلها أنهار المياه العذبة والبحيرات المترامية الأطراف والغابات الغنّاء والمساحات الخضراء الغنية بمختلف أنواع الحيوانات والنباتات والزروع فكأنها كانت جنّات الله تعالى على أرضه. لتبدأ بعد ذلك الظروف المناخية والبيئية بالتباين والتدهور قبيل بداية الألف العاشر قبل الميلاد والتغير تدريجيا ، فتصبح منطقة شبه الجزيرة العربية والخليج العربي عند الفترة 10-7 آلاف سنة قبل الميلاد أكثر دفئا وذات كميات أمطار أقل عما كانت عليه في الفترة السابقة فأنتشرت فيها القبائل العربية نحو شمال وجنوب شبه الجزيرة العربية بما في ذلك منطقة الخليج العربي (الذي لم تتكوّن بعد حين ذاك) بحثا وراء الماء والكلأ . هذا ما أكّده المؤرّخ موسكاتي (3) فقال : لو تتبّعنا تأريخ الموجات البشرية التي إنطلقت في هجرات تأريخية بيقين نحو ما نسميه المشرق العربي لوجدنا أن هذه الهجرات كانت دائما وأبدا تنطلق من شبه الجزيرة العربية والخليج العربي ، فلو تتبّعنا مختلف تسميات الخليج العربي وعلى مدى خمسة آلاف سنة أي منذ قدم عصور التأريخ المتعاقبة وحتى سقوط دولة كسرى خلال القرن السابع الميلادي وكذلك خلال حكم الدولة الأموية والعباسية والدولة العثمانية أي ولغاية القرن العشرين الميلادي سنجدها جميعها وبلا إستثناء كما أشرنا في هذه الدراسة هي تسميات عربية الأصل حيث جميعها جاءت بالإشارة الى شبه الجزيرة العربية والتي لا يتجزأ عنها الخليج العربي من حيث العبادة في التأريخ البعيد وشروق الشمس في التأريخ المتوسط والقريب وكذلك بالنسبة للقبائل العربية التي سكنت الجانبين الشرقي والغربي من منطقة الخليج العربي الجغرافية وشمالها حيث شط العرب عندما إعتبر جانبي الخليج العربي الشرقي والغربي حينها في جنوب بلاد الرافدين فكانت جميع التسميات عربية أيضا .
الخليج العربي خلال الحكم الإسلامي ولغاية القرن العشرين :
سوف لن نتحدث عن تأريخ أطماع حكم الساسانيين وما بعدها في منطقة الخليج العربي ثم سقوط دولة كسرى من قبل الجيوش العربية الإسلامية على يد سعد بن ابي وقاص قائد الجيوش الإسلامية التي حرّرت أرض العرب حينها وكذلك فتحت بلاد فارس حين ذلك والتي بدأت دسائسهم ومؤمراتهم منذ حياة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم) والإسلام والمسلمين ، فقد نفّذوا فيما بعد الكثير من الفتن والمؤامرات والدسائس والتي أرادوا من خلالها تقويض الدولة الإسلامية والدين الإسلامي أيام رسول الله ودولة الخلفاء الراشدين والدولة الأموية والعباسية بل أن سقوط الدول الإسلامية المتعاقبة الثلاث تمّت بفعل تلك الفتن والدسائس الخبيثة ولغاية سقوط بغداد على يد هولاكو عام 1258 ميلادية بمساعدة الفلول الشعوبية ومن تعاون معهم في تلك المؤامرات وصولا الى حكم الصفويّين في بلاد العجم كما كانت تعرف في الماضي وبالتعاون مع القوى الصليبية الأوربية كروسيا القيصرية ومملكة فرنسا ومملكة إسبانيا وغيرهم حينها ضد الولايات والقبائل العربية والإسلامية أيام حكم الدولة العثمانية وخاصة المدن والبلدات والقبائل العربية في منطقة الخليج العربي . لذلك وجدت الحكومات المتعاقبة في تلك البلاد الأساليب التي جعلت جزءا من سياساتها وأهدافها المنشودة من أجل توظيف أساليب منهجية لتحقيق أطماعهم منذ قبل حكم الصفويين وما تلاهم ، فمنذ مئات السنين مارست تلك الأنظمة الوسائل والأساليب ضد العرب في المنطقة ، بل ومحاولاتهم في تنفيذ مؤامراتهم وأطماعهم تحت عباءات متباينة في المنطقة منذ أواخر القرن الخامس عشرالميلادي تحت إطار إفتعال أحداث ومواقف تأريخية غير حقيقية من أجل تمزيق وحدت شعوب المنطقة وبالتالي إحتلالهم ولو كان هذا الأمر على حساب الدين والعقيدة الإسلامية من أجل تحقيق مصالحهم وهذا ما فعله كلا من إسماعيل الصفوي وبمساعدة روسيا القيصرية، وحفيده عباس الصفوي وبمساعدة ممالك فرنسا وإسبانيا وبريطانيا خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين ومع ذلك لم يتجرّأ الصفويون على تغيير إسم الخليجا لعربي ، على الرغم من أن الصفويين كانوا يقتلون الرجال والشيوخ عند إحتلالهم لمدن وبلدات العرب بعد تعذيبهم وسبي نسائهم وفتياتهم وتهجير من تبقى منهم الى مناطق غيرعربية أو إفشاء الفاحشة بأشكالها والمخدرات والمسكرات ، بينما يأخذون الصبيةوالأطفال العرب والمسلمين ليمارسوا عليهم عمليات غسيل المخ لتشويه معتقداتهم وإنتمائاتهم القومية ومنعهم من النطق بالعربية في سبيل توظيفهم وتجنيدهم لأغراضهم السياسية والأخلاقية .
في عام 1925 ميلادية تمكن رضا خان وبمساعدة الإنكليز من الوصول الى السلطة ثم إحتلال إمارة المحمرة وبلاد الأحواز العربية في جنوب وجنوب غرب بلاد عجمستان وهذا هو الإسم المتعارف عليه حينها ، لذلك نجد رضا خان يوصي إبنه الشاه محمد رضا بأنه إستطاع (أي الأب) إحتلال الجانب الشرقي من الخليج العربي وعلى إبنه إحتلال الجزء الغربي من الخليج العربي، وهذا الأمر فعلا كان من أولويات شاه إيران محمد رضا بهلوي فهو أول من أطلق تسمية الخليج الفارسي بدل تسمية الخليج العربي ، إلا أنه فشل في مؤمراته تلك حتى سقوط حكمه ليأتي من بعده آخرون إنتهجوا ذات السياسة في تسمية الخليج العربي ، وهذا الموضوع بات معروفا لدى الكثيرين من المعنيين والمتخصّصين والمثقفين العرب والمسلمين ، ويكفينا القول ان العجم ما زالوا متشدّدين لهذا المطلب وهوإحتلال الخليج لعربي بالكامل وما يؤكد هذه الحقيقة إحتلالهم الجزر الإماراتية الثلاث منذ عام 1971 ميلادية وحربهم على العراق عام 1980 ميلادية وموقفهم من مملكة البحرين ودولة قطر والكويت أو أي جهات أخرى تقول بتسمية الخليج العربي كشركات الخطوط الجوية العربية وغير العربية والعمل على تهديدهم بالمقاطعة لو إستخدموا تسمية الخليج العربي بل وصلت بهم الوقاحة أنهم يدّعون بملكيّتهم للخليج العربي منذ القدم والذي يفنّد هذا القول الباطل هو إننا لا نجد أي بقايا للآثار الساسانية وما قبلها أو ما بعدها على سواحل الخليج العربي، في الوقت الذي تؤكد فيه المكتشفات الآثارية وجود علاقات وثيقة جدا بين حضارات بلاد الرافدين على طول سواحل الخليج العربي إضافة الى رابطة الدم واللغة والتأريخ والجغرافية وغيرها بين مختلف الأقوام والقبائل العربية التي عاشت على سواحل الخليج العربي في شرقيّها وغربيّها .
المصادر
1- الحفيّظ ، عماد محمد ذياب 2010 . نشأة الحضارة وتطورها في الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية ، دارالصفاء ، الأردن ، ص 42- 43 .
2- سوسة ، أحمد 1981 .تأريخ حضارة الرافدين . المطبعة الحكومية ، بغداد ، ص244- 245 .
3.Moscatis,1955. Histoire Des Peuples semitigues.Paris,p.32. 4.Breasted,J.H. 1906.Ancientrecords of Egypt .Chicago,vol. 11,page274.
5- القرآن الكريم ، سورة آل عمران ، آية 96 .
6.Breasted,page284. 7.Luckenbill,D.D.1924.The Annals of Sennacherib.Chicago page 35 and 38 .
8-Winckler,H.1889.DieKeilschrittexteSargons.Leipzig,p. 37.
9.King , L.W.1907.Chronicles of Early Babylonian kings . London , vol.11, page131.
10.Weissbach,F.H.(none)WissenschatflicheVeroffentlichu- ngen der Deutschen orient Geselscaft.(WVDOG),vol.IV,p.7 .
11.Minorsky v. and Al-Alam,H.1937.The regions of the world,A Parsion geography.London ,page 52 .
من الشمال شط العرب و من الجنوب الغربي بحر العرب و من الغرب صحراء العرب بعد ليش خليج فارسي !!! عاشت ايدك على هذا السرد المشوق
ردحذف