بمحبة بالغة، يسر (وجهات نظر) أن تنشر مقالة خصَّها بها الصحفي العربي الكبير الأستاذ ضياء حسن، عن المبدعة العراقية هند طلال عبدالرحمن النعيمي التي كرَّمها ملك السويد، كارل غوستاف، بمنحها لقب (قائدة مستقبلية) في احتفال جرى في القصر الملكي في استوكهولم، بتاريخ 28 أبريل 2011.
ابنة الموصل التي روَّعها القصف الأميركي
ملك السويد: هند أرقى نموذج للخيرالانساني
ضياء حسن
ليس اعتباطا , ولا هي مجرد التفاتة عطف أبوية أبداها ملك من بلاد اسكندنافيا أزاء فتاة صغيرة كانت بعمر سبع سنوات وهي تدلف أبواب السويد عبر مدخل عاصمتها المطرز بنثات مطر خفيف تدغدغ برودتها وجوه القادمين اليها, ومن بين القادمين هذه الطفلة المفجوعة, وهي عراقية مسَّها فزع الليالي الشباطية المرعبة التي مرت بالعراق عندما أذن الشيطان الأميركي بتسليط قذائف الموت على رؤوس العراقيين في قصف ليلي عدواني عام 1991 شمل جميع مدن العراق, وطبيعي كان من بينها الموصل الحدباء حيث ولدت هند وحاصرها رعب قصف الطائرات الأميركية حيث كانت البيوت الموصلية الكريمة ومن بينها بيت والدها في حي الأندلس تترنح من شدة عصف القصف الأميركي كأنها ستنهار كما هو حال المدن العراقية الأخرى, بفعل قذائف الموت المصوَّبة الى أهلنا حصريا, كما أشتهي ورسم تجار الحروب الأميركيون وحلفاؤهم بحرية تدميرية فائقة وديمقراطية مهدرة للدم العراقي .
نعم ليس اعتباطا أن تحظى هذه الطفلة بامتياز تكريم ملك السويد كارل كوستاف بعد أن شبت وغدت ممتلئة علما وشعورا شفافا بالمسؤولية الأنسانية، وهي التي عاشت لوعة العدوانية الحربية الأميركية , ولم تغب عن بالها صورتها يوم كانت تلوذ بحضن والدها كلما طال القصف مدينتها الموصل لتسأله وبلهجة موصلية ((بابا هذولي أشكن عملنالهم حتى يضغبونا ؟)) .
ولأنها كبرت وعيا واقتدارا ذهبت وهي جليسة الغربة الى النهوض بمهمات انسانية, تصاعد مع الزمن ومع مضي خطى العمر الوئيدة طيب فعلها الأنساني المؤثر مما لفت انتباه الجهات والقوى السويدية التي تعنى بالأنشطة والفعاليات المدافعة عن الانسان والتعايش والتضامن بين الشعوب والأديان وخدمة قضية السلام العالمي ورفع لواء مناهضة الفقر وشن الحروب على الشعوب , وكأنها أراد ت أن تقول لمن قصفوا مدينتها-الأميركان- ها أنا العراقية أطلُّ من جديد وبعد أكثر من عشرين عاما على قصفكم الأول لموصل العراق الحبيبة مشرأبة الطلّة حرّة الأرادة لأقول لمن اعتدى على أهلنا بأن عدوانهم لن يؤثر على أصرارنا للامساك بحريتنا وبسيادة الوطن وعلى التفاعل مع الشعوب في نزوعها للسلم والتضامن, وفي قهر سياسات الظلم والفقر والعدوان في العالم .
وأكرر مرة أخرى أن ملك السويد لم يقصد في تكريمه لابنة الموصل مجرد المجاملة , بقدر ما عنى فيه تكريم الجهد المضيء الذي قدمته انسانة عراقية , بنت بلاد عريقة الحضارات , سخية العطاءات .
هذا ما أكدته كلمة الملك كارل كوستاف السادس عشر في حفل تكريمها الرسمي يوم الثامن والعشرين من نيسان الماضي ومنحها بهذه المناسبة لقب قائدة مستقبلية, إشادة بما تميزت به الانسة هند من دور وصفه بالخلاق في الفعاليات الأنسانية المنوعة على مدى السنوات الماضيات على مشهد من الناس، وخصوصا جهودها المثرية للدفاع عن حقوق الانسان, ومن بينها حقوق الانسان العراقي المستباحة من المحتل وهي شاهدة ميدانية على ارتجاج بيوت مدينتها بتأثير تساقط قذائف الموت الأميركية على رؤوس ساكنيها العراقيين الأبرياء .
ولعل أبرز ما قاله ملك السويد في تفسير ما دفعه لتكريم هند نلمسه في هذه الكلمات الرقيقة اليسيطة " إن ما قامت به هند من نشاطات جبارة لهو أرقى نموذج لما يمكن أن نفعله جميعا من أجل خير الانسانية".
اذن هي نموذج لانتصار ارادة الخير الانساني، والمهم عندي أن التكريم أكد حقيقة قد لا تكون واردة على بال المكرِّمين, إلا أن التوقف عندها والاشارة اليها مطلوبان, وهي أن العراقي والعراقية أينما تواجدا, فهما مصدر اشعاع لتفاعل الناس وتحابهم وتضامنهم في تفعيل عمل الخير, وهو إشعاع تأريخي سطعت به أولى الحضارات الانسانية على البشرية, وقد ولدت في العراق بلاد الرافدين واستمرت في حقبها التالية.
فتحية لهند العراقية جذرا وفعلا انسانيا كبيرا، وتهنئة صادقة بالتكريم الذي حظيت به ووجد ترحيبا واسعا في الأوساط الرسمية والاجتماعية السويدية, والتهنئة موصولة لوالدها الأكاديمي الفنان طلال عبد الرحمن النعيمي وطبيعي للسيدة والدتها .
وشكرا للملك السويدي ولكل سويدي أسهم في تكريم هند التي لجأت الى- لسعة- البرد السويدي هربا من لسعة الموت التي طالت أهلها العراقيين طيلة سنوات القصف والحصار في التسعينات وصولا لسنوات الظلم والظلام اللاحقين بالعراق في فترة الاحتلال منذ العام 2003 وحتى الآن .
ومبروك للعراقيين شهادة الطيب التي استحقتها هند لتمحو اثار انطباع سيء تركه في الشارع السويدي تصرف تيمور العراقي الأهوج الخالي من الوفاء للبلد الذي أحسن وفادته، عندما أوشك على تنفيذ عملية تفجير ارهابي في مكان عام في العاصمة السويدية وألقي القبض عليه متلبساً قبل أن يتمكن من ذلك، الحمد لله .
جميل ان نقرأ للاستاذ الكبير ضياء حسن ، مقالة أتسمت برؤية وطنية، وهي ليست وجهة نظر ، بل هي النظر كله ..
ردحذفشكرا له وشكرا لمدونتا الجديدة
زيد الحلي
بارك للة لكم على هذة الالتافة الجميلة عن مواطنة عراقية في الغربة اتمنى لكم كل الخير
ردحذفعجيب امركم انا من السويد ولم نسمع عنها وعندما قرأت المقال استغربت جدا
ردحذفهؤلاء لا يعطون جائزة الا اذا كان المهدى له ضمن دائرة اجنداتهم. فرحتمونا بتقارب الاديان ؟؟؟؟؟ ويكفي والدها موسيقار انعم واكرم.
ويا حبذا اطلاعنا على نشاطاتها لتنوير جهلنا رغم اننا نعمل في مجالات حقوق الانسان وسط قم الشيعة باوروبا - السويد . اما كتابة هوامش دون تفصيل مدعاة للغرابة؟
الاخ من السويد
ردحذفتحية طيبة
الصورة تؤكد الحدث
وسنعمل على تأمين حوار مع المبدعة العراقية لتعريف القراء بنشاطاتها.
وشكرا للاهتمام
مصطفى كامل
انا اعرف اباها كان شاعرا في الجامعه وذكيا بالغ الذكاء..
ردحذفلكنه هاجر على ما اظن قبل الاحتلال... بفتره طويله