السبت، 21 مايو 2011

تراتبية الخراب العراقي

مشكوراً، بعث الينا الصحفي العراقي الاستاذ موفق الرفاعي، مقالته عن الخراب العراقي، ونحن إذ ننشرها في "وجهات نظر" نحقق جانباً من هدف المدونة، في عرض وجهات النظر المتعددة، ضمن الهدف المعلن لها في فضح المحتلين وعملائهم المجرمين.

تراتبية الخراب العراقي

موفق الرفاعي

بينما تزداد وتيرة الصراخ في اكثر من بلد عربي وتتصاعد معها المطالب، يكتفي العراقيون بالأنين.
هل تُراهم ناموا على أمل الاستيقاظ بعد انقضاء مهلة المائة يوم فيجدون عراقا مثل اليابان او في الاقل مثل ماليزيا!؟
تظاهرات ساحتي التحرير في بغداد والرمادي، وساحة الاحرار في الموصل.. تنكمش، وتضيق معها السجون بالمعتقلين.
 الشوارع يسيطر عليها الذئاب والمنطقة الخضراء تعج بالفاسدين واللصوص والمزورين.
حين يتقمص المزور دور نائب في البرلمان وينتحل اللص صفة وزير في الحكومة، فليس من المستغرب ابدا ان ينشيء رجل الدين مزرعة للرؤوس الآدمية المقطوعة بدلا من مزرعة لرؤوس البصل.
انه الاستثمار بالموت.. اقرب الطرق الى السلطة والثروة والجاه.
المليشيات تنشيء الفضائيات من اجل ان ترفع مناسيب البلاهة في البلاد عبر استخدامها المخلفات التاريخية وتُصدر الصحف من اجل استخدامها في لف الفلافل او فضلات الطعام.
انها في كلا الحالتين تقدم للشعب حلولا سحرية لتدوير النفايات.
الظلاميون يفتشون في صدور الناس عن السؤال باعتباره هاجسا يدفع الى البناء الذهني الحداثوي ليس خشية على الذهنية التعميمية ان تصاب بانزلاق تنويري فحسب انما ايضا لان السؤال لغير صاحب العمامة.. مذلة.
انها تنمية التخلف التي يراد لها ان تسبق كل تنمية اخرى من اجل احتكار البقاء.
مفكرون ومحللون سياسيون وصحفيون يُطِلون من على شاشات الفضائيات يتحدثون في قضايا البلاد ببلادة فذة فلا تكاد تفقه شيئا مما يقولون.
رطانة فارغة وشيزوفرينيا لغوية....
شعراء انفًضّ جمهور الشعر من حولهم فصاروا حين يعقدون مهرجاناتهم يتداولون القراءة والالقاء والاستماع، فشعرهم شورى بينهم.
مهرجان المربد مثلا....
ادباء ومثقفون وكتاب يطبعون كتبا تغلب عليها البلاغة، - معذرة.. البلاهة- يوزعونها بالمجان (اهداء...) فلا يقرأها احد، ويتبادلون نقدها فيما بينهم في الصحف غير المتخصصة وفق (مبدأ) "شيلني واشيلك" ذائع الاسخدام في هذه الايام.
إنها فانتازيا الاحتضار.
***
بانتظار الانسحاب الامريكي الوشيك نهاية هذا العام الكل يعيد تشكيل نفسه ويغير مواقعه مثلما يغير مواقفه كي لا يبقى في العراء ليتلاءم مع مرحلة مابعد الانسحاب التي اعتقد جازما انها ستكون مرحلة ساخنة على مشارف شتاء قد لا يأتي الا والعراق غير العراق.
فَرِحوا بمقتل اسامة بن لادن الذي كانت حركته توفر لهم الذرائع للقمع والاعتقالات وللاتهامات وللاجتثاثات وكان الاجدر بهم ان يحزنوا فقد اسدل الستار على رجل كان دوره يصب في مصلحتهم.
البلاد على مفترق الهاوية وهم يتنافسون فيما بينهم أيهم يصبح وزيرا لوزارة امنية، واكاد اجزم ان الحلقة المفرغة التي يدورون فيها اليوم ستضيق عليهم بعد ان تمتليء كروشهم تماما ليتوقفوا عن الدوران ويُسلّموا في النهاية بحكومة جميع اعضائها شخص واحد يُدعى نوري المالكي. فمهلة المائة يوم اوشكت على الانقضاء وتهديدات المالكي بحل الحكومة والبرلمان وربما حتى الهيئات المستقلة لعبة يجيدها حزب الدعوة.
الشعب.. يريد اصلاح النظام ويريد الخدمات ويريد محاربة الفساد ويريد الافراج عن المعتقلين ويريد الكهرباء ويريد معرفة اين اختفت الاربعمائة مليار دولار وان كان البعض يبرر اختفاءها انها تحولت الى علف في حضائر المنطقة الخضراء.
هكذا بدأت التظاهرات في شباط قبل ان تتحول الى الشعب يريد رحيل الحكومة وبعدها الشعب يريد اسقاط النظام.
- لا بأس عليك ايها الشعب الطيب انتظر انقضاء المهلة التي وعد رئيس الحكومة بان يجعل خلالها من العراق اعجوبة تضاف الى عجائب الدنيا.
الم يقل قبل اسابيع "إن بلدنا الآن الاكثر استقرارا وأمنا في المنطقة، وأن هناك سلبيات ولكن كل شيء وضع على الطريق الصحيح وما هي الا فترة قليلة ويكتمل كل شيء".
و"أن البلد اليوم يستقر على حالة يغبط عليها ولا أقول يحسد وهناك من يسألوننا كيف استطعتم مواجهة كل تلك التحديات ووقفتم، ونحن نجيبهم بالصبر والصلابة والوعي على المخاطر..".
وقتها كانت الاجساد البريئة تتطاير بفعل التفجيرات والارواح تزهق بكواتم الصوت وبالعبوات ناسفة ولاصقة.
وهل كان يعني بـ(الفترة القليلة) فترة المائة يوم؟
لكنها يا دولة الرئيس ليست فترة قليلة لأن يومها عند الشعب كألف سنة مما تَعُد من شدة المعاناة وتراكم المآسي...!
واؤلئك (الحساد) هل هم من كوكب اخر غير كوكب الأرض جاؤوا تنقلهم الصحون الطائرة يسألون عن الوصفة السحرية الناجعة ليعودوا بها فيطبقونها في كوكبهم التي تمزقه الاضطرابات!؟
ام انهم ربما كانوا رؤساء دول عربية يوشكون على الرحيل وعجزوا عن منع (الاضطرابات) في بلدانهم فجاؤوه يستفتونه وليقفوا على اخر الابتكارات القمعية التي استخدمتها اجهزتك العسكرية والامنية في اجهاض انتفاضة شباط فينقلونها الى بلدانهم!؟
نلقاكم بعد انقضاء مهلة المائة يوم... تصبحون على مجهول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق